البطالة من أخطر المشكلات الاجتماعية وإهمال علاجها يؤدي إلى العواقب فهي الباب الموصل إلى كل الشرور لأنه يهيئ للأفراد فرصة التفكير في مزاولة الإجرام على اختلاف صوره ويرى الإمام أحمد بن حنبل مثل هذا الرأي فيقول: (إذا جلس الرجل ولم يحترف دعته نفسه إلى أن يأخذ ما في أيدي الناس). وللإسلام موقف حازم من البطالة فحث على العمل واحتراف المهن وفضلها على التفرغ للعبادة وشجع عليها وكره الكسل ورفض التواكل والتسول.
كما أن كل إنسان في مجتمع الإسلام مطالب أن يعمل، مأمور أن يمشي في مناكب الأرض، ويأكل من رزق الله، قال تعالى: {وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}، «سورة الملك آية 15».
والمراد بالعمل المجهود الواعي الذي يقوم به الإنسان وحده أو مع غيره لإنتاج سلعة أو خدمة.
واتضحت سنة الله في الخلق حيث أن الأرزاق التي ضمنها والأقوات التي قدرها والمعايش التي يسرها لا تنال إلا بجهد يبذل وعمل يؤدى ولهذا رتب الله سبحانه وتعالى أن من كان قادراً على السعي في مناكب الأرض له رزقه فمن سعى أكل ومن كان قادراً على السعي ولم يسع للعمل كان جديراً ألا يأكل.
وبالتالي نجد أن الإسلام رفع من شأن العمل وأعلى منزلته وبوأه مكاناً عالياً من الإجلال والتعظيم حتى جعله عبادة يتعبد بها المسلم ابتغاء مرضاة الله. والإسلام لا يقر البطالة من أجل الانقطاع للعبادة ويرى في هذا تعطيلاً للدنيا التي أمر الله عباده بالسعي فيها. فيقول سبحانه وتعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} (سورة الجمعة آية 10).
فمن سعى وانتشر في الأرض مبتغيا فضل الله ورزقه كان أهلاً لأن ينال منه ومن قعد وتكاسل كان جديراً بأن يحرم.