إنّ السعي لتكوين الشعور بالحب في داخلك كسائر الأعمال والمهارات التي تحتاجها لكي تتقن ما تعلّمته بشكل نظري، كجهاز الكومبيوتر مثلاً، تحتاج إلى جانب دراستك العملية له، الممارسة العملية للتعرّف على المهارات المطلوبة وتكتسبها عن طريق المزاولة العملية.
وفي طريقك لتكوين علاقة حب بينك وبين زوجتك، لابدّ لك من أن تتعلم لغتها، وتتقن فنونها، نحوها، وصرفها، وبلاغتها..
إنّها لغة الأحاسيس والقلوب، تسعى فيها للتقارب بين قلبين وخلق الألفة واللذة والأنس في إجتماعهما..
وكما يقول خبراء الكمبيوتر، إنك تحتاج بجانب دراستك النظرية، إلى التطبيق العملي، وإلا فستذهب جهودك هباءً منثوراً.
كذلك في ولادة حبك، لابدّ أن تمارس التطبيق العملي مع ما سوف تتعرّف عليه نظرياً.. وإليك الآن ما يتوجّب عليك أداؤه:
1- التودّد:
هناك حقيقة ذات أهمية كبرى عليك أن تتعرّف عليها، وهي: أنّ الحب لن يقع عليك من السماء فجأة.. وأنّه لن يُقذف في قلبك وقت نومك، لتستيقظ صباحاً، وتجد نفسك قد أحببت..
إنّه ليس شيئاً من الخارج، بل هو إحساس يرقد على فراشه في داخلك، في أعماق قلبك، وأنت تقوم بدور الموقظ له من حالة السبات..
وإذا لم يستيقظ بمجرّد دخول شريكك في حياتك، فإنّك بحاجة إلى ممارسة الإيقاظ، بالتعوّد على إظهاره، وبالتكلّف في ترديده..
لأنّ الحب مثله مثل الصفات الفاضلة في النفس، إن لم تظهر بسهولة، فعلى الإنسان أن يتمرّن عليها.. وكأنك تمارس رياضة الصباح لأوّل مرّة، فتحس بالتعب والإرهاق والتشنّج، ثمّ يبدأ ذلك التعب بالزوال شيئاً فشيئاً مع الإستمرار في أداء التمرينات.. كذلك الحب تحتاج إلى ممارسته يوماً بعد يوم، وستشعر بثقل الكلمات في بداية المطاف لكنك سرعان ما ستحسّ بسهولتها وعذوبتها في فمك..
يقول رسول الله (ص): "تحبب إلى الناس يحبوك".
وبعد أن تمارس الحب بالتودّد لزوجتك، فإن إشعاع التودد سوف ينعكس عليك حباً صافياً من شوائب التكلّف..
إذاً، إنّما هي بضع كلمات جميلة، وهمسات دافئة، ولمسات حانية، لتكوّني إيحاءً داخلك، كتمرين الصباح، ولتشعري أنت بحب زوجك، وتشعريه بذلك الحب.. لكي ينعكس عليك حبه المخلص..
يقول الفيزيائيون: لكل فعل ردُّ فعل..
ويقول علماء النفس: لكل مثير إستجابة..
ويقول الإمام علي (ع): "قلوب الرجال وحشية فمن تألفها أقبلت عليه".
إنّ عملية التمرين تلك، تؤلِّف القلوب فتقبل عليك بالطريقة الآتية:
* أنتِ تقومين بترديد كلمات الحب بشكل دائم، فتزرع هذه الكلمات في داخلك شيئاً فشيئاً، فيتكّون لديك إحساس بحب زوجك.
* وهو يتلقى تلك العبارات فتؤثر فيه وتخترق مشاعره، فيقوم بترديدها أيضاً، فيستشعرها..
* فتعود عليك مشاعره الودّية نتيجة لذلك..
هذا لأنّ المحبة عملية تمسّ الروح والإحساس بشكل أساسي، يقول الحديث الشريف في معرفة المودة: "اعرف المودة لك في قلب أخيك، بما له في قلبك".
وقد سُئِل الإمام الصادق (ع): "إنّ الرجل يقول لي أودّك، فكيف أعلم أنّه يودّني"؟
فقال الإمام: "امتحن قلبك، فإن كنت تودُّه، فهو يودُّك".
إذاً هي عملية إيحاء وتمرين فتجاذب بين القلبين، فعناق بينهما.
2- كن وفياً:
إنّ في الحياة الزوجية مجموعة من المسؤوليات التي تقع على عاتق الزوجين، والمسؤولية هي تلك الأدوار التي يجب أن تقوم بها تجاه زوجتك..
فالزوجة عليها مسؤولية رعاية زوجها وتلبية متطلباته المعنوية والجسدية، وحفظ أسراره ومساعدته.. إلخ.
والزوج عليه مسؤولية الإعالة، ورعاية زوجته صحياً وإجتماعياً، والمحافظة على شرفها.. إلخ.
هذه المسؤوليات تحتاج أكثر ما تحتاج إلى (الوفاء)، وما إن تتم تلك المسؤوليات بمنتهى الوفاء والإخلاص، حتى تُزرع حباً طريّاً خالصاً في أعماق القلب.
فكيف ستكون ردة فعلك أمام زوجة رأيت منها كل ما ترضى وتحب، تخاف عليك من النسيم، وتسعى لرعايتك.. مجسّدة بذلك وفاءها إليك؟.. طبعاً ستحب ذلك.
وللوفاء قاعدة عامة هي: أن يحب كل زوج لزوجه ما يحبه لنفسه، فالوفاء في مرافق الحياة جميعها من دون إستثناء، ولنتناول مصداقاً من مصاديق الوفاء لبيان أهمية الوفاء وتأثيره لخلق إحساس الحب والحفاظ على متانة العلاقة بين الزوجين، فمن الوفاء – مثلاً – أن ترقى بزوجتك في تصرفاتها وثقافتها وأن تنصحها وتصحِّح أخطاءها بنيّة صادقة في الوصول للأفضل..
وفي هذا المعنى، هنالك قصة جميلة تجسِّد الوفاء بشكل دقيق..
"ذات أمسية بعد زواج جورج وبيتي بوقت وجيز، وصل بهما الحديث إلى فيلم سينمائي شاهداه. كان رأي بيتي أن بطل الفيلم فائق الجاذبية، إلا أن جورج لم يشاطرها هذا الرأي.
قالت بيتي: "لا أردّ جاذبيته إلى مظهره فحسب، إنّه قوي لكنه طيب النفس مرهف الحس. وهذا ما يجذبني إلى الرجل. ومع إنك لا تتصرّف هكذا دوماً يا جورج فإنك في الحقيقة قوي واثق بنفسك، إني أحبك لذلك".
قوي؟ واثق بنفسه؟ فاجأ الأمر جورج، فهو لم يصف نفسه قط بمثل هذه التعابير. فلطالما قعد مكانه والآخرون يأخذون القرارات عنه ويذهبون إلى حدّ توعّده أحياناً.
وهو يقول متذكراً: "فجأة تفكرت في أنّ هذه الخلال موجودة فيَّ. وعزمت منذ تلك اللحظة على السعي إلى الظهور بمظهر القوي الواثق بنفسه مهما يكن شعوري في أي ظرف".
يقول روبرت هـ. لاور، أستاذ السلوك البشري في الجامعة الدولية في سان دييغو بكاليفورنيا، معقّباً على ما جرى: "لو أن بيتي قالت لجورج: لِمَ لا تكون مثل بطل الفيلم؟ لجرحت مشاعره ودخلت في جدل عقيم ولما طرأ تحسّن على حال زوجها. لكنها بثنائها عليه وإبلاغه ما تريد ساعدته على التبدّل".
ويقرّ جورج اليوم بعد مضي عدّة سنين: "رأت بيتي فيَّ خلالاً غفلت عنها. وما كنت لأغدو ما أنا عليه لولاها".
ويضيف لاور – أستاذ السلوك – "إنّ جورج وبيتي اكتشفا سرّ الزواج الناجح، وهو مدّ الشريكين يد العون كل إلى الآخر لينموا وينضجا".
هذا نموذج من وفاء زوجة لزوجها، عمدت فيه إلى تطويره بأفضل السبل، لأنّها مخلصة إليه.. ونتيجة ذلك حب زوجها العميق لها..
يقول الإمام علي (ع): "سبب الإئتلاف الوفاء".
فإنك إن أعطيت وفاءً ستأخذ حباً، لأنّه سبب الإئتلاف بين الناس، وإليكم بعض الوصايا التي تتجسّد فيها معاني الوفاء:
* اعملوا على تقويم بعضكما بأفضل أسلوب.
* حسّنوا صورة شريككم أمام الآخرين.
* اكتموا أسرار شريككم، ولا تذيعوا عيوبه.
* اصدقوا الحديث معه بشكل دائم.
* حافظوا على نفسه وماله وممتلكاته.
* أخلصوا المساعدة.
* أتقنوا واجباتكم الزوجية.
* حافظوا على عِرض شريككم.
* ادفعوا عنه كل بلاء وأذى يقترب منه، ولو لم يعلم بذلك.
* تمنّوا لشريككم التوفيق والنجاح.
* بيِّنوا للآخرين أنّه يؤدِّي واجباته على أكمل وجه.
* لا تفكِّر بشكل فردي، بل بشكل زوجي.
* عندما ترتقي علمياً، فلا تتركها حبيسة الجهل.
* إذا سنحت لك الفرص أن تأخذ لها قطعة من الحلوى في المناسبات، فافعل.
* اجعل الإستمتاع مشتركاً وخصوصاً خارج المنزل.
* اصبروا على أذى الشريك في حد الممكن.
* قدِّروا الظروف الصعبة التي يمرُّ بها كالمرض والفقر.
* قفوا معه عندما يكون متعباً أو كئيباً.
* حافظوا على الإلتزام بالوعود والمواعيد.
3- الحديث عمَّا يُحَبّ:
"رحم الله عبداً اجترّ مودة الناس إلى نفسه فحدثهم بما يعرفون، وترك ما ينكرون".. هكذا قال الإمام الصادق جعفر بن محمد (ع).
إنّ تجاذب أطراف الحديث فيما نحب وسيلة قوية لإجترار المحبة للقلوب بين الزوجين، خصوصاً أن فسحة التحدّث تكون متاحة لهما معاً بشكل كبير، لأنهما يعيشان في ظل منزل واحد، وفي دفء غرفة واحدة، وعلى راحة سرير واحد..
والزوج الناجح في تكوين علاقة مفعمة بالحب، هو الذي يستقطع جزءاً من وقته، للحديث مع زوجته في إهتماماتها، والزوجة الناجحة في إحتواء قلب زوجها هي التي تخصّص وقتاً لحديثها عن إهتماماته..
إذ أن "هنالك قاعدة ذهبية في فنّ التحدُّث مع الناس تقول: ستجد مَن تتكلم معه حول إهتماماته الخاصة منساقاً معك ومرتاحاً إليك دائماً".
سيكون من السهل عليك التحدُّث فيما تحب، لكن قد يكون من الصعب أن تتحدّث عما تحبه زوجتك..
فإذا عرفت أنّ هذا الحديث سيوقع في قلبك ندى الإرتياح عندما تتحدّث فيه زوجتك معك، وسيوقع حديثك معها في ما تحب الإرتياح الشديد والقرب منك، فإنك لن تتوانى عن عمل برنامج تداوم فيه على ذلك.
يقول أحد المحامين الناجحين: "إنّ نجاحي في الحياة، مدين لمعرفتي في التحدّث في إهتمامات كل مَن ألتقي معه، وكانت لي قصة في تعلّم هذا الفن، فعندما كنت في مقتبل الشباب، كنت مولعاً بالقوارب، وحدث أن زارنا ضيف في منزلنا، وبمجرّد أن عرف هوايتي، بدأ يتحدّث عن المياه والبحر، والقوارب، فارتحت كثيراً لحديثه، وانسقت معه.
وعندما انصرف من المنزل سألت والدي عن وظيفته، فقال لي: إنّه صاحب محل تجاري.
فقلت: فما باله يتحدّث عن القوارب، والبحار، والمياه، وكأنّه ابنها.
فردّ والدي: لقد عرف إهتماماتك، فتحدّث معك في مجال هوايتك، حتى يجذبك لتتبادل أطراف الحديث معه".
ألا تريد أن تجتذب قلب زوجتك نحو قلبك؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فحدِّثها عمّا تحب، حدّثها عن علاقاتها بصديقاتها، وعن أهلها، عن هواياتها، وعن عملها، وعن نفسها، وعن كل حديث ترتاح إليه.
قد تصطدم الزوجة عندما تريد الحديث مع زوجها عن عمله، بجهلها طبيعة ذلك العمل، يجدر بها عندئذٍ أن تحاول السؤال عن عمله، والإستفسار عن دوره، فإن مجرّد المحاولة والتساؤل سيُحتسب إهتماماً ومشاركة في الحديث عمّا يحب، وهي مقدمة لإجترار محبتهِ.
4- قُل: أحبك
إن كنت قد وقعت في حب زوجتك، وتتمنّى أن تقع هي أيضاً في حبك، فقل لها: أحبكِ.
وأنتِ أيضاً، أيتها الزوجة، ففي حال وقوعكِ في حب زوجكِ، لا تترددي في إخباره بحبكِ إياه، يقول علماء النفس: لا يكفي أن تحب أحداً حتى تلاقي الحب ذاته منه، ولا يكفي في أحيان كثيرة الإقتصار على التعبير بالأفعال عن الأحاسيس، حتى تحصل على المبادلة في المشاعر.. فإنّ للتعبير اللفظي للحب وقعاً كبيراً في النفس، يصعب محوه على مدى الأزمان..
وقد قال رسول الله (ص) في هذه العملية التجاذبية بين القلوب: "قول الرجل للمرأة إنِّي أحبكِ لا يذهب من قلبها أبداً".
فكلمة واحدة تجترح المعجزات، ولها الأثر البالغ في قلب زوجتك، وما عليك إلاّ أن تتلفظ بها بلسانك فقط، وأرسلها في الهواء نحو سمعها: (أحبكِ)، وستتلقّى الإجابة السريعة.
فلا تجلس مكتوف الأيدي منتظراً زوجتك البدء بحديث الحب، ولا تضعي يديك على خدّيك في إنتظار همسات حب من زوجكِ.. فينبغي المبادرة، ويخطئ الكثير من الأزواج عندما يوكلون السبب في عدم التلفظ بكلمات الحب من الطرف الآخر، عدم حبهم إليهم..
فأنت تقول: لماذا لم تقل لي زوجتي كلمة أحبك؟
وتتساءل هي: لماذا لا يقولها هو؟
الكثير من الأزواج لا يحسنون التصرف عندما ينتظرون الطرف الآخر ليقول كلمة أحبك أوّلاً، في هذه الحالات غالباً ما يكون الحب موجوداً في القلب، مختبئاً عن القلب الآخر، فقد يحجبه حياء الزوجة، وقد يعتقد الرجل أن إظهار ما في قلبه ينقص من قدر رجولته..
لجأ أحد الأزواج إلى خبير في العلاقات الزوجية، فأخبره بأنّه متزوّج منذ ثلاثة أعوام، ولم يسمع من زوجته كلمة واحدة تعلمه فيها بأنّها تحبه، هو يعرف شعورها نحوه، ولكنه يحتاج لكلماتها لتؤكّد له ما يعتقد..
فسأله الخبير: هل قلت لها أنت كلمة حب واحدة منذ زواجكما وحتى هذا الوقت؟
أجابه الزوج: كلا.. لم أقل لها شيئاً من ذلك.
قال الخبير: إنّ زوجتك أيضاً تعاني من المشكلة نفسها، اذهب وأخبرها بحبك لأنّها تحتاج إليه، ثمّ سنتناول مشكلتك بالتفصيل.
ذهب الزوج مسرعاً، فانتهز فرصة جلوسهما أثناء شرب الشاي عصراً، ليبوح لها بمكنونات نفسه بكل صراحة..
يقول الزوج: يا للغرابة! سرعان ما انتهيت من كلماتي، حتى بادرتني بالشعور نفسه، وكأنّها تنتظرني لأبدأ، حتى تتفوّق عليَّ في إبداء الكلمات الجميلة!!
والسؤال هنا: مَن عليه أن يبدأ، الزوج أم الزوجة؟
والجواب: إنّ البدء لا يحدَّد بنوع الجنس، ولكنه يحدَّد بمن عرف أهميّة كلمة (أحبك) أوّلاً.. فيبدأ.. وينبغي أن يراعي الزوج حياء الزوجة ويبدّده بأحاسيسه المتلفظ بها، وإذا متن الحاجز عند الزوج، على الزوجة أن تحطِّمه برقّة كلماتها وعذوبة صوتها، لتشجِّعه وتدفعه ليقولها.. فهي كلمة سرّ، لفتح قلب طريّ، يستقبل بعدها كلَّ إحساس منك.
5- التقوى.. الطريق السريع:
قد يكون برنامج إنشاء الحب في قلب الأزواج صعباً بعض الشيء، أو يحتاج إلى مزيد من الوقت والتمرّس، لكي يرتكز في أعماق النفس، ويحاكي القلب الآخر، لكنه يختلف تماماً في قلوب المؤمنين.
فصفة التقوى بما تصاحبها من معاني الطاعة لله تعالى، والإخلاص، والامتثال لأوامره – عزّوجل – بمثابة طريق معبَّد ليسير فوقه حب الرجل لزوجته أو العكس..
وقلوب المؤمنين بما تعوّدت عليه من هيام في ساحة حب الله – عزّوجل – والتفاني في حب الرسول (ص)، وبما تحمل في أعماقها من حب المؤمنين، وبما تمتلك قلوبهم من الرأفة والرحمة والسماحة، أصبحت قلوباً واسعة المساحة، متفتّحة للحب، تستقبله بسهولة ويسر، بل ويُحسِّنُ حُبُّ الله وحبّ الأولياء قلوبهم فتكون تربة صالحة لنمو الحب كما أنّ الأرض الطيبة ينبت فيها الزرع الطيب، كذلك القلب الطيب ينبت فيه الحب الطيب..
يقول تعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا...) (الأعراف/ 58).
ويقرِّر هذه الحقيقة الحديث عن الإمام الصادق (ص): "إنّ إئتلاف قلوب الأبرار إذا التقوا وإن لم يظهروا التودّد بألسنتهم كسرعة إختلاط قطر السماء على مياه الأنهار، وإن بُعد إئتلاف الفجّار إذا التقوا وإن أظهروا التودّد بألسنتهم كبُعد البهائم من التعاطف، وإن طال اعتلافها على مذود واحد".
فإنّ المؤمنين والمؤمنات عندما يقرؤون قوله تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لِّكُم وَأنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) (البقرة/ 187).
(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء/ 19).
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً...) (الروم/ 21).
فإنّ المسؤولية الإلهية، والضرورة الحياتية، تختلط على صفحة القلب، مكوّنة بذلك أجمل لوحة حب عرفها الإنسان، والزوج المؤمن يدعو كما يدعو الإمام زين العابدين (ع) في مناجاة المحبين: "أسألك حبك وحب مَن يحبك، وحب كل عمل يوصلني إلى قربك..".
فـ"طوبى لمن يألف الناس ويألفونه على طاعة الله".
والحقيقة الناصعة من المواصفات محبة أهل الدين والتقوى التي أكّدها الإمام علي (ع)، هي: "مودة ذوي الدين بطيئة الإنقطاع دائمة الثبات والبقاء".
فالإيمان والتقوى هما ضمانة لتأسيس حب عميق، لا يتصف بالعذوبة واللذة وحسب، بل يمتاز بالقوة، فيكون ثابتاً لا تؤثر فيه الهزّات العنيفة الناتجة من مصاعب الحياة ومشكلاتها، وهو باقٍ ما بقي العمر والحياة لكلا الزوجين.
المصدر: كتاب الحب في العلاقات الزوجية